لا يشك أحد في أن من يمثل جيل رواد الفيلم التسجيلي المهمين في العالم خير تمثيل هم دزيغا فيرتوف و جون غريرسون وبول روثا وألبرتو كافالكانتي ويوري إيفنز، فهم لم يكونوا فقط صناع أفلام إنما كانوا منظرين ومنخرطين في قلب قضايا عصرهم الملتهبة. ولعب كل منهم دوره البارز في خلق تيار سينمائي في الماضي وما زال تأثيره مستمراً حتى الآن.
في هذه الدراسة سنعقد ندوة بين هؤلاء. الندوة التي سنعقدها هنا هي ندوة افتراضية، بمعنى آخر إنها لم تعقد بينهم في الواقع، مع أن كل ما يقولونه هنا، سبق أن قالوه في نقاشات دارت ومقابلات نشرت أثناء اشتراكهم في مهرجان ليبزغ خلال سنوات عديدة. والهدف من عقد الندوة بينهم، هي محاولة لتوضيح التيارات التي كانوا يمثلونها ووضعها أمام الجيل الجديد من السينمائيين، الذين يفتقدون إلى المعرفة التاريخية الكافية في مجال السينما التسجيلية، إضافة إلى وضعها أمام النقاد ومحبي الثقافة السينمائية من قراء المجلة الوثائقية، ولتكون حافزا أيضا لمنظمي الدورات والمهرجانات السينمائية، ليبادروا إلى تنظيم عروض، تعرف بأعمال الرواد وتجاربهم العملية وأفكارهم النظرية، ليتسنى لثقافتنا السينمائية أن تساهم في إنارة الجانب المضيء في تاريخ السينما.
ومن جانبنا، كمحرر لهذه الندوة، لم نعمل فقط على إعداد الحوارات بشكل مباشر، إنما حاولنا أن نتدخل كذلك، لنضيف المعلومات الخاصة بالرواد ولنتعرف ليس فقط على ما يتحاورون حوله، إنما أيضا على أهمية شخصياتهم في حركة السينما التسجيلية العالمية.
ألبرتو كافالكانتي: سال كل نفسه في المهرجان الدولي الثالث للأفلام التسجيلية والقصيرة في لا يزغ كيف يمكن أن يتطور الفيلم التسجيلي في السنوات القادمة؟
وما هي الإجابات التي يمكن أن نصل إليها حول مستقبله؟
أليس من صالحنا أن نعود إلى الوراء ونلقي نظرة على تاريخ الفيلم ونعيد إلى الأذهان بعض مفاصل تطوره؟
أو هل علينا فقط أن ننتظر ببساطة ما يمكن أن يأتينا به المستقبل؟
وماذا ننتظر من نظرية الفيلم التسجيلي في السينما والتلفزيون؟
لقد بذل المؤرخ بول روثا أفضل ما يمكن في نظرية وتاريخ الفيلم ونستطيع أن نضيف من عندنا أيضا.
لكن المطلوب في عصر وسائل الاتصال الجديدة تطوير نظرية فيلم جديدة.
حينما نشغل أنفسنا بالفيلم في الوقت الحاضر، ونبحث عن أجوبة لوضعه فمن الضروري أن نلتفت إلى أسس إنتاجه اليوم كذلك نلتفت إلى تاريخه.
محرر الندوة: لقد تمكن كافالكانتي من الالتحاق بمجموعة جون غريرسون التسجيلية ولعب بعدئذ دوره المهم في تحويل الميلودراما الرخيصة إلى إعادة تنظيم صناعة السينما الروائية الواقعية في البرازيل.
في حديثه عن الواقع والشعر عند جان فيغو – الذي توفي عندما بدأت تظهر موهبته- قال كافالكانتي إنه تملّك موهبة إيجاد الشعر الحقيقي في عالم الكاميرا. ذلك الشعر هو شعر الواقع، وفقاً لكافالكانتي، وهذه الفكرة يمكن أن تنطبق على أعمال كافالكانتي نفسه.
فلم تكن تهمه تجارب التعبيريين الألمان ولا تجارب السرياليين الفرنسيين، كان يعتقد بأن الواقع اليومي هو المادة (السينمائية). وما يجب على الفنان فعله هو تحويله إلى شعر؛ أي عليه أن يحرر الشعر الذي حبسه الواقع. ذلك هو مفتاح تجارب كافالكانتي في الفيلم الصامت، ومفتاح أبحاثه في مدرسة غريرسون والسبب وراء نجاحه في فيلم "موت الليل". و"مفتاح قدره في البرازيل".
في عام 1949 وصل كافالكانتي إلى سان باولو بدعوة من الدكتور أسيس دي تشاتوبريان والبروفيسور باردي. كان الغرض من زيارته تقديم سلسلة من عشر محاضرات حول السينما في متحف الفن الحديث. الزيارة تحولت إلى إقامة مؤقتة؛ حيث عرضت عليه مجموعة من الرأسماليين منصب رئيس شركة فيرا كروز للإنتاج السينمائي في سان باولو. وبعد أن أنهى ألبرتو كافالكانتي مرحلتين من مراحل حياته المهنية في صناعة السينما في فرنسا وبريطانيا، دخل في عالم الصناعة البدائية والفوضوية في موطنه.
| |
|
كافالكانتي المقالة كاملة أضغط هنا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق