غلاف الكتاب الذى ألفه منير غبور
عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، للكاتبين أحمد عثمان ورجل الأعمال الشهير منير غبور، والذى استند عليه المفكر الدكتور محمد سليم العوا فى الدفاع عن الأخير، على خلفية القضية المتهم فيها بالإضرار بالمال العام بمعاونة وزير الإسكان الأسبق أحمد المغربى، مما عرض العوا لهجوم شديد من قبل البعض، بسبب دفاعه عن رجال النظام السابق بشكل جعله ينفى مرارا وتكرارا على صفحته الخاصة على موقع الفيس بوك، أن دفاعه عن غبور وحده ولا يشمل ضمنيا المغربى، وذلك بحجة أن الأول لديه باع فى الكتابة عن السماحة الإسلام، ولابد أن نفخر جميعا بوجود رجلا مثله بيننا.
لم تمر مراحل إصدار كتاب غبور الذى يقع فى140 صفحة من القطع الصغير، ويتناول تاريخ العلاقات الوثيقة بين الإسلام والمسيحية فى سلام، حيث اتهم أحمد عثمان عمال الهيئة بتعمد تعطيل عملية الطباعة عدة أشهر بسبب موقفهم الدينى المتشدد ورفضهم للتصالح بين الأديان، قائلا: "إن غبور تجاوز تلك الأزمة، عندما دفع "إكرامية" للعمال، ليتم وضعه ضمن قائمة الكتب المقرر طباعتها".
ويضم الكتاب الذى كتب مقدمته شيخ الأزهر الراحل محمد سيد طنطاوى، والدكتور إبراهيم الفقى، ثمانية فصول من بينها "النصارى والإسلام" و"المسيح فى القرآن" و"وصية النبى محمد بأقباط مصر" و"سماحة الإسلام فى معاملة أهل الكتاب" و"الإسلام والعالم بعد سقوط دولة الخلافة".
ويقول شيخ الأزهر فى مقدمته للكتاب: تصفحت كتاب المسيحية فى الإسلام للأستاذ منير غبور فوجدته كتابا كتبه سيادته بروح طيبة ولمقاصد كريمة، من أهمها التأكيد على الأخوة الإنسانية الصادقة التى تجمع بين المسلمين والمسيحيين فى مصر، وهم يعيشون تحت سماء واحدة وتقلهم أرض واحدة، ويستنشقون هواء واحدا وتجمعهم مصالح مشتركة، ويتساوون فى الحقوق والواجبات، وكل خير يأتى لمصر هو للجميع، لا فرق بين مسلم ومسيحى.
ويبرر غبور سبب إقباله على كتابة مثل هذا العمل، قائلا فى مقدمة عمله: أنا لست مؤلفا ولا كاتبا أو داعية إنما أنا مصرى غيور لحاضر ومستقبل مصر، فقد عشت وتربيت على حب الوطن، لكنى فؤجئت فى السنوات الأخيرة ببعض الأصوات التى ظهرت فى مصر تخالف ما كان سائدا فى بلادنا، وتدعى أن الأقباط كفار مشركون، وخطورة هذه الدعوة، أنها لم تقتصر على الشباب المتطرف، بل تعدت ذلك بكثير، حيث راح بعض من يتلوون دور الدعاة ووعاظ المساجد يرددون هذه الدعوات الخاطئة، رغم أنهم من المفروض أنهم يملكون العلم الصحيح بسماحة الإسلام فى معاملة أهل الكتاب.
أهم ما ورد فى الكتاب هو إلقاء الضوء على نبوءة الرهبان بنبوة النبى محمد صلى الله عليه وسلم، ويذهب المؤلف إلى أنه بعكس ما تقوله جماعات الإسلام السياسى، فقد كانت هناك علاقة وطيدة بين المسيحيين والإسلام، حتى قبل بداية الدعوة المحمدية، وذلك من خلال النصارى الذين عاشوا فى الجزيرة العربية قبل الإسلام، فبحسب ما ذكره رواة السيرة النبوية فإن أول من تنبأ بنبوة محمد منذ صباه كان الرهبان النصارى، الذين رحبوا به وبرسالته بعد نزول الوحى، قائلا: إن ما ورد فى كتب السيرة النبوية يثبت أن أول من تنبأ بمستقبل الصبى محمد، كان الراهب بحيرى، فقد اصطحب أبوطالب محمدا ابن أخيه عند خروجه للتجارة إلى بلاد الشام، ومروا بصومعة بحيرى، وكان إليه علم أهل النصرانية، وإليه يصير علمهم عن كتاب فيما يزعمون يتوارثونه كابرا عن كابر، ورغم عدم اهتمام بحيرى بهم فى سابق سفراتهم فقد رحب بهم الراهب هذه المرة، عندم شاهد الصبى محمد معهم فأعد لهم طعاما ودعاهم إليه جميعا، وأصر على حضور الصبى معهم، فلما رآه بحيرى جعل يلحظه لحظا شديدا، وينظر إلى أشياء من جسده قد كان يجدها عنده من صفته، حتى إذا فرغ القوم وتفرقوا، قام إليه بحيرى فقال: يا غلام أسالك بحق اللات والعزى ألا ما أخبرتنى عما أسالك عنه، فزعموا أن رسول الله قال:لا تسألنى باللات والعزى شيئاً، فقال له بحيرى: فبالله ألا ما أخبرتنى عما أسالك عنه، فقال له سلنى عما بدا لك، فجعل يسأله عن أشياء عن حاله ثم نظر إلى ظهره فرأى خاتم النبوة بين كتفيه على موضعه من صفته عنده.
فلما فرغ أقبل بحيرى على عمه أبى طالب فقال له: ما هذا الغلام منك؟ قال: ابنى، قال له بحيرى: ما هو بابنك وما ينبغى لهذا الغلام أن يكون أبوه حيا، قال أبوطالب: مات أبوه وأمه كانت حبلى به، قال بحيرى: صدقت فارجع بابن أخيك إلى بلده فإنه كائن له شأن عظيم فأسرع به إلى بلاده.
وقد لاقى الكتاب فور صدوره ترحيبا شديدا من قبل المثقفين على رأسهم الكاتب محمد سلماوى، والذى ضرب بالكتاب مثلا فى التسامح الدينى والوحدة الوطنية، مطالبا بتدريسه فى المدارس، باعتبار أنه يستحق أن يكون له مكان فى بيوت المسلمين والمسيحيين، على السواء، لأنه دعوة للتسامح ودعوة للتأمل ودعوة لإفشاء روح المحبة والإخاء، وخير دليل على أن مصر بلد يستحق أن يجمع بين الديانتين على ضفتى نهر واحد، هو وصية الرسول الكريم حين قال، "إذا فتحتم مصر فاستوصوا بالقبط خيرا فإن لهم ذمة ورحما".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق