صحفي من «رويترز» يخترق أوكار البضائع المقلدة , ويتعرف على اسرار بضاعة ابو ريالين المقلدة في الصين.
حقائب وساعات ذات ماركات عالمية مقلدة بأسعار لاتصدق .
حقائب وساعات ذات ماركات عالمية مقلدة بأسعار لاتصدق .
اغلب الناس يستطيعوا ان يميزوا مباشرة بين البضائع الصينية المقلدة والاصلية على الفور ويستطيعوا ان يعرفوا أن هذه هذه الحقائب النسائية التي تحمل علامة “لوي فيتون” هي حقائب ماركات مقلدة ؛ لأنها وصلت في علبة استخدمت من قبل في نقل بطاريات. وتجد داخل العلبة تحذيرات مطبوعة تقول “خطر.. حمض كبريتيك” و”سام.. يسبب حروقاً شديدة”، وهي ليست العبارات التي تأتي عادة مع منتج من أشهر العلامات التجارية الفاخرة. لكن الحقيبة بدت وكأنها أصلية تماماً. لونها بني داكن ولها يد مضفرة مثبتة في حلقات نحاسية وعليها علامات “لوي فيتون”. لقد طلبت أنا هذه الحقيبة من موقع يسمى (اريك واي دوت كوم) من أجل هذا التقرير الخاص الذي يرصد مشكلة انتشار السلعوالبضائع الصينية المقلدة التي تباع عبر الإنترنت. أرادت “رويترز” تتبع المشكلة من مستهلك في واشنطن إلى المنتجين الغامضين في قوانجتشو في الصين، حيث توصلت زميلتي ميلاني لي إلى الورش والأسواق غير المشروعة.
مكان صناعة بضائع الصين المقلدة
وعند الحديث عن إنتاج السلع المقلدة، فإن الصين هي “ورشة التقليد في العالم”. وتزداد التوترات بين الولايات المتحدة والصين أكبر اقتصادين في العالم بسبب قرصنة السلع وبسبب استمرار ارتفاع العجز التجاري الأميركي مع الصين الذي تعزوه واشنطن إلى أن العملة الصينية مقومة بأقل من قيمتها. وفي بلدة شيلينج التي تبعد مسيرة ساعة بالسيارة عن مدينة قوانجتشو الساحلية الجنوبية تقوم أكبر صناعة للمنتجات الجلدية في الصين. وفي الثمانينات، بدأت شركات متعددة الجنسيات في صناعات شتى إسناد الإنتاج إلى مصانع في الأقاليم الساحلية. وفي هذا الجزء من إقليم جوانجدونج تقوم صناعة الجلود. ومع أواخر التسعينات، ظهرت ورش صغيرة في أحياء هادئة قرب تلك المصانع لإنتاج نسخ مقلدة من المنتجات. واليوم أصبح مآل غالبية المنتجات الجلدية المصنعة في شيلينج إلى تجارة السلع المقلدة.
ويصف موقع اريك واي -الذي يدار من قوانجتشو- منتجاته بأنها “بدائل مستوحاة من منتجات لوي فيتون الأصلية”، وذلك في بيان إخلاء المسؤولية بالموقع. ويضيف: “لا نتحمل أية مسؤولية مدنية أو جنائية عن أفعال من يشترون منتجاتنا”، لكنّ المسؤولين عن تطبيق القانون في الولايات المتحدة يقولون إن هذا الموقع ومواقع أخرى كثيرة تعرض مجموعة مبهرة من السلع عبر الإنترنت، مثل الملابس والإلكترونيات والأحذية والساعات والأدوية، تخالف للقانون. ويعتزم هؤلاء المسؤولون ملاحقة هذه المواقع. ويقول المسؤولون إن تجارة السلع المقلدة عبر الإنترنت انتعشت في السنوات القليلة الماضية وتحولت من مجرد مصدر إزعاج للشركات إلى منافسة خطيرة.
وتقول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إن حجم السلع المقلدة وحقوق الملكية الفكرية التي تتعرض للقرصنة من التجارة العالمية نما من نحو 100 مليار دولار في عام 2001 إلى نحو 250 مليار دولار في 2007، وهو آخر عام وضعوا له تقديراً. وليست هناك تقديرات منفصلة لحجم السلع المقلدة التي تباع على الإنترنت على وجه الخصوص، لكن السلطات تقول إنها هائلة.
ويقول جون مورتون وكيل الوزارة المسؤول عن إدارة الهجرة والجمارك الأميركية: “غيرت الإنترنت طبيعة المشكلة تماماً.. وجعلتها أكثر تعقيداً وأوسع انتشاراً”. وأردف: “هوجمت صناعات بأكملها.. ليس من الشارع بل من الإنترنت”. ويمكن لزوار موقع “اريك واي دوت كوم” أن يختاروا من بين أكثر من 1800 حقيبة “لوي فيتون” مقلدة. يبلغ ثمن الحقيبة التي طلبتها 122 دولاراً مع رسوم شحن قدرها 40 دولاراً؛ لذا فهي ليست بالضبط رخيصة وفقاً لمفهومي الخاص. لكن الحقائب المماثلة في متاجر “لوي فيتون” المحلية تباع مقابل 1000 دولار أو أكثر. أدخلت عنواني في واشنطن وبيانات البطاقة الائتمانية وتلقيت على الفور رسالة بالبريد الإلكتروني من شركة البطاقات الائتمانية التي أتعامل معها تحذرني من تعرض حسابي لاحتيال محتمل. وسرعان ما تلقيت رسالة ثانية فيها إيصال يتضمن رقم تتبع من شركة “إي. إم. اس” لخدمات البريد لكي أتمكن من اقتفاء مسار طلبي.
غادرت الحقيبة قوانجتشو في الصين في 14 سبتمبر ووصلت إلى مكتبي في 20 سبتمبر. كانت مغلفة بغلاف أصفر عليه علامة “لوي فيتون” وتفوح منها رائحة الجلد. لكن كان ثمة شيء مريب.. فالإرشادات التي أتت مع الحقيبة باللغة الإنجليزية تقول “صنع لك لوي فيتون جلدية لامعة وأنيقة”، غير أن العبارة لا تتضمن كلمة “حقيبة”. أخذت الحقيبة إلى أحد متاجر “لوي فيتون” في تشيفي تشيس بولاية ماريلاند لأرى وجه الشبه بينها وبين الأصلية. وأبدى البائع وهو رجل طويل يرتدي حلة أنيقاً تحفظه. وقال بنبرة باردة: “نحن لا نتحدث إلا عن منتجاتنا”، وأضاف: “ليست لدينا أي حقائب مثل هذه”، ربما يكون مفهوماً ألا ترغب “لوي فيتون” في أن يتحدث الباعة في متاجرها عن مدى سهولة تقليد منتجاتها. فإذا انتشر الخبر أن هناك حقائب مقلدة في السوق، فإن الناس قد يتساءلون إن كانت حقائبهم أصلية.
وتعد الحصرية جانباً من قوة العلامة التجارية، لكن المنتجات المقلدة تقوض هذا. وفي العام الماضي، نفذ مسؤولو الجمارك وأجهزة أخرى أميركية 15 ألف عملية مصادرة لسلع مقلدة جاء 80 بالمئة منها من الصين. وكانت حقائب اليد البند الثالث في القائمة بعد الإلكترونيات والأحذية، وهي البنود الرئيسة على مدى أربع سنوات متتالية.مكان صناعة بضائع الصين المقلدة
وعند الحديث عن إنتاج السلع المقلدة، فإن الصين هي “ورشة التقليد في العالم”. وتزداد التوترات بين الولايات المتحدة والصين أكبر اقتصادين في العالم بسبب قرصنة السلع وبسبب استمرار ارتفاع العجز التجاري الأميركي مع الصين الذي تعزوه واشنطن إلى أن العملة الصينية مقومة بأقل من قيمتها. وفي بلدة شيلينج التي تبعد مسيرة ساعة بالسيارة عن مدينة قوانجتشو الساحلية الجنوبية تقوم أكبر صناعة للمنتجات الجلدية في الصين. وفي الثمانينات، بدأت شركات متعددة الجنسيات في صناعات شتى إسناد الإنتاج إلى مصانع في الأقاليم الساحلية. وفي هذا الجزء من إقليم جوانجدونج تقوم صناعة الجلود. ومع أواخر التسعينات، ظهرت ورش صغيرة في أحياء هادئة قرب تلك المصانع لإنتاج نسخ مقلدة من المنتجات. واليوم أصبح مآل غالبية المنتجات الجلدية المصنعة في شيلينج إلى تجارة السلع المقلدة.
وفي ورشة من تلك الورش تقع بالقرب من مدرسة شيلينج الثانوية، يمكن للمرء أن يرى من خلال النوافذ نساء وبناتهن الصغار وهن يقطعن ويخيطن الجلود. وفي الطابق الأرضي يراقب رجال ضامرون الأجواء وهم يتلكأون بجانب ملصق إعلاني يطلب عمالاً في المصنوعات الجلدية. وتستهدف مداهمات الشرطة هذه الأماكن من حين لآخر. وأرشدنا تشو شي، وهو محقق خاص يعمل على تتبع أوكار صناعة المنتجات المقلدة، إلى هذه المجموعة من الورش لكنه قال إن علينا التحرك بحذر. عندما تسير بحذر شديد بين هذه الورش المكونة من ثلاثة طوابق وترى رجالاً ونساء يدقون الجلود بأدوات معدنية في أزقة خلفية يشعر المرء وكأنه داخل مغارة القراصنة.
ويقول مسؤولو الشرطة إن عصابات الجريمة المنظمة التي يطلق عليها أحياناً عصابات الثالوث في هذه المنطقة من الصين ضالعة في هذه الأعمال بسبب شبكاتها السرية الممتدة. وقال تشو: “بالطبع هم ضالعون. هذه مخاطرة هينة جداً لهم”. ويعمل تشو بطريقة المخبرين التقليدية، حيث يقضي ساعات في تتبع شاحنات تنقل شحنات مشبوهة إلى داخل وخارج شيلينج ويستخدم الكاميرا في المراقبة ويستجوب أشخاصاً. وتشو ضابط مخابرات سابق في جيش التحرير الشعبي الصيني، ويعمل في هذا المجال منذ 12 عاماً. وتكسبه بشرته السمراء وشعره القصير مظهر رجال الجيش. ولا يتسق مظهره البسيط مع محفظة جلدية نفيسة استعرضها مزهواً، وقد أهدتها له شركة إيطالية بعدما أرشدها إلى ورشة لصناعة المنتجات المقلدة. وتستعين به شركات العلامات الفاخرة لجمع معلومات عن أماكن المخازن والمصانع ثم يستخدم هذه الأدلة لإقناع الشرطة الصينية بالمداهمة.
وتأخذ هذه الورش حقائب فاخرة أصلية لمعرفة كيفية صنعها. وكل ما في حقيبة لوي فيتون من الحلقات النحاسية وحتى الجلد المنقوش بالعلامة التجارية تم إنتاجه في الصين. وبعد تجميع المكونات في إحدى الورش في شيلينج، ينتهي المطاف بالحقيبة في بلدة باييون قرب المطار القديم في شمال قوانجتشو. ويقول الخبراء إن سوق باييون في قوانجتشو هي المركز العالمي لتجارة المصنوعات الجلدية المقلدة بالجملة. وتكتظ المتاجر بحقائب مقلدة من علامات “لوي فيتون” و”جوتشي” و”برادا” و”ايرميس” في منطقة تجارية تعادل مساحتها خمسة ملاعب لكرة القدم.
وتقدم متاجر صغيرة منتجات تكميلية مقلدة مثل الأكياس الورقية والإيصالات وأدلة المنتجات من أجل تجار الجملة. وجينا التي رفضت ذكر اسمها بالكامل واحدة من أولئك التجار، وهي من كولونيا في الأوروجواي. وكانت جينا تجر مع أمها التي تبلغ من العمر 66 عاماً حقيبة سفر رمادية من صنع “لوي فيتون” بين أزقة سوق الجلود وتبحث عن متجر يستطيع صنع حقائب مدرسية تحاكي حقائب “لوي فيتون” من جلد صناعي. وقالت جينا وأمها تتحامل على رجليها المتعبتين لتواصل السير وهما يحملان حقائب ممتلئة بالأوشحة والمصنوعات الجلدية المقلدة “لا تقلق.. ستتدبر أمرها.. نحن معتادون على هذا”. وتوقفا عند متجر للحقائب.
وقالت جينا للبائع بإنجليزية بها، لكنة واضحة “لا أريد جلداً أصلياً.. بل جلداً صناعياً. لا يجب أن يكون 5 ايه.. يكفي 2 ايه”. قطعت جينا نصف الكرة الأرضية وصولاً إلى باييون لكي تتعامل شخصياً مع أكبر سوق في العالم للمصنوعات الجلدية المقلدة. وقالت: “كنت أشتري من الصين عبر الإنترنت، لكن بعد تجربة سيئة، قلت لن أكرر هذا أبداً”. وأضافت أنها تسلمت 800 حقيبة باللون الأحمر بدلاً من اللون الأسود الذي طلبته.
كانت جينا تبحث عن مصنع يستطيع إنتاج 500 حقيبة مدرسية تنوي شحنها إلى الأرجنتين قبل نقلها إلى الأوروجواي، حيث تمتلك متجراً على شاطئ البحر. ونقل الحقائب عبر الحدود أقل إثارة للريبة مقارنة بنقلها من الصين مباشرة. وكانت جينا تمسك أوراقاً تحتوي معلومات حول الحقائب التي تريد صنعها. وبدت جينا بشعرها الأشقر المخطط وبشرتها البرونزية وحليها المصنوعة من علامات تجارية، كما لو كانت من كبار مصممي خطوط الموضة في هوليوود أكثر من كونها تجسيداً لفكرة البعض عن قراصنة العلامات التجارية. وتقول السلطات إن العصابات الإجرامية تشارك بوتيرة متزايدة في تجارة المنتجات المقلدة في كل من الولايات المتحدة والصين، لكن أشخاصاً عاديين مثل جينا والبائعين الذين تتعامل معهم هم واجهة هذا النشاط في الصين. وتدهم سلطات قوانجتشو من حين لآخر سوق باييون، وهو ما حدث أثناء زيارة مراسلي “رويترز” للمكان. وأغلقت المتاجر أبوابها بعدما تلقت إخبارية بالمداهمة الوشيكة رغم أن الزبائن يمكنهم الدخول في الخفاء إذا طرقوا الأبواب فقط. ويزعم كل متجر أن وراءه مصنعاً يدعمه. وفي أقبية المتاجر يوجد عمال الشحن الذين يغلفون السلعة ويضعون عليها الملصقات ببراعة حتى تمر عبر الجمارك. قال أحدهم ويدعى تشن “إذا أردت الشحن إلى فرنسا فهذا فيه صعوبة؛ لأنهم يفحصون بدقة. لكن فرص نجاح الشحن عبر يو. بي. اس 80 بالمئة”. ورفض تشن كغيره ممن قابلتهم “رويترز” في الصين لكتابة هذا التقرير ذكر اسمه بالكامل لتفادي المشكلات. وقال إنهم يحولون الشحنات عبر موانئ في الشرق الأوسط أو أفريقيا لتفادي رصدها من جمارك الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق