كل ما سمعته أوقرأته عن »مبارك« و»جمال مبارك« ضعه جانبا ففي السطور التالية ستكون داخل مكتب رئيس الجمهورية ذاته.
ستكون وجها لوجه مع أسرار لم تنشر من قبل وستسمع حكايات مثيرة عن وزراء وكبراء وانتهازيين ولصوص. حكايات يرويها شاهد عيان قضي 18 عاما في مكتب رئيس الجمهورية حتي وصل لمنصب مدير عام.
طوال الحوار لم يطلب محمود صبرة إغلاق التسجيل إلا مرة واحدة، روي لي خلالها عن معاكسة وزير الداخلية لسكرتيرة رئيس حكومة سابق، ومغازلته لها بكلام جارح عن »مؤخرة« رئيس الحكومة!
التحق محمود صبرة بالعمل في مكتب الرئيس عام 1984 تم تعيينه مترجما ثم محررا وتولي مناصب متعددة فكان كبير محررين ومديرا لإدارة الترجمة والمعلومات ومديرا لإدارة الصحافة والأنباء ووصل لمنصب مدير عام وفي عام 2002 قدم استقالته.
< لماذا استقال؟
- أجاب محمود صبرة: استقلت من العمل بمكتب الرئيس من أجل العمل بالأمم المتحدة حيث تم اختياري استشاريا للصياغة التشريعية للبرنامج الانمائي للأمم المتحدة.
< قضيت 18 عاما بمكتب رئيس الجمهورية فماذا كانت طبيعة عملكم بالتحديد؟
- كنا نعد تقارير للرئيس عن الأحداث المحلية والعالمية فكنا نتابع كل وسائل الإعلام وكانت تصلنا تقارير خاصة من سفاراتنا بالخارج، ومن هذه المصادر نعد تقريرا للرئيس وكنا نعد هذا التقرير 3 مرات يوميا أولها في الخامسة صباحا والتقرير الثاني الساعة الثانية ظهرا والثالث في التاسعة مساء وإذا وقع حدث عاجل أو حصلنا علي معلومة عاجلة كنا نبلغها للرئيس فورا.
< وهل مكتب الرئيس يرأسه رئيس ديوان رئيس الجمهورية؟
- لا.. رئاسة الجمهورية إداريا تضم 3 قطاعات منفصلة كل منها قائم بذاته أولها قسم الأمناء والبروتوكولات ثم قطاع مكتب الرئيس وهوقطاع منفصل والقطاع الثالث هو قطاع شئون العاملين، وتولي رئاسة المكتب سامي شرف »في عهد الرئيس عبدالناصر« ثم أشرف مروان وفوزي عبدالحافظ وسعد شعبان الذي التحقت للعمل في المكتب تحت رئاسته.
< التقارير التي تعدونها تكون مخصصة وموجهة للرئيس وحده؟
- نعم.. حتي عام 1997 كانت التقارير تقدم للرئيس فقط، ولكن بعدهذا التاريخ تغير الحال.
< بمعني؟
- وصلتنا أوامر بعمل نسختين من التقارير.. نسخة للرئيس ونسخة لجمال مبارك!
< بأي صفة تخصصون نسخة من التقرير الرئاسي لجمال مبارك؟
- وقتها لم تكن الأمور واضحة.
< ألم تسألوا عن السبب؟
- لم نجد إجابة عند أحد، ووصلنا الي اعتقاد بأنه يتم إعداد »جمال« لشيء ما وصار اعتقادنا يقينا بعدما صدرت تعليمات بأن يتم عرض خطابات الرئيس علي جمال مبارك.
< ومن الذي أصدر تلك التعليمات؟
- بالتأكيد الرئيس مبارك نفسه.. وأذكر في هذا الشأن أنه كان يتم تكليف أكثر من صحفي لكتابة خطاب الرئيس ثم يعهد للدكتور أسامة الباز بكتابة الشق السياسي في الخطاب وعندما يتم الانتهاء من كل ذلك كانت الخطابات تعرض علي جمال مبارك قبل أن نقدمها للرئيس نفسه.
< معني ذلك أن جمال مبارك كان بإمكانه تعديل خطابات الرئيس؟
- حدث هذا بالفعل.. في إحدي المرات عدل »جمال« أحد خطابات الرئيس مبارك بعد أن أعدها الدكتور أسامة الباز وتواترت في مكتب الرئيس آنذاك معلومات مؤكدة تقول إن الدكتورأسامة الباز غضب بشدة وشكا للرئيس مبارك وتواترت معلومات أخري تقول إن »مبارك« طلب من »جمال« عدم اغضاب الدكتور الباز وقال له: »يجب أن تراعي مشاعره«.
< إلي هذا الحد بلغ نفوذ جمال مبارك؟
- وصل أكثر من هذا، فقبل عام 1997 كانت التعليمات التي تصدر لمكتب الرئيس تصدر من الرئيس نفسه ولكن بعد هذا التاريخ كان جمال مبارك يتصل بالمكتب ويطلب منا تكليفات معينة.
< أي تكليفات؟
- تكليفات خاصة بمجال عمل المكتب.. ولن أتحدث في طبيعة هذه التكليفات حتي لا يقال إنني أفشي أسرارالعمل ولكن ما أريد أن أقوله إن مصر تشهد منذ عام 1997 عملية جهنمية لتوريث الحكم في مصر ولقد رأيت بعيني أغرب عملية في حياتي وهي عملية صناعة رئيس الجمهورية.
< من الذي كان يقوم بتنفيذ تلك العملية؟
- مبارك نفسه.. فمبارك الأب كان يريد توريث الحكم لابنه ولهذا أراد أن يدربه علي تولي الرئاسة تماما مثلما يفعل الطبيب الكبير مع ابنه الطبيب حديث التخرج وبالمناسبة مبارك نفسه اعترف أن »جمال« يساعده في الحكم وقال إن ابنة »شيراك« في فرنسا تساعده أيضا يعني عايز يقول إنه مفيش مشكلة.
< تقول إنك رأيت بعينك عملية صناعة رئيس جمهورية فماذا رأيت؟
- رأيت جمال مبارك يتم إعداده شخصيا لكي يتولي رئاسة مصر، وكانت البداية كما قلت باطلاعه علي تقرير المعلومات الذي يعده مكتب الرئيس تماما كما لو كان رئيسا ثم تطور الأمر فتدخل »جمال« في عمل مكتب الرئيس فكان يطلب أشياء معينة ثم كان يراجع خطابات الرئيس وبعد أن تحقق كل ذلك بدأ »جمال« يبسط نفوذه علي الحكومة والبرلمان والحزب الحاكم والأجهزة الأمنية.
< وتحقق كل ذلك؟
- نعم.. فحكومة أحمد نظيف اختارها بالكامل جمال مبارك وبرلمان 2005 اختار »جمال« حوالي 70٪ من أعضائه أما برلمان 2010 فاختار »جمال« بنسبة 100٪ من أعضائه كما سيطر »جمال« علي الحزب الوطني تماما وأيضا الأجهزة الأمنية كانت مخلصة تماما للرئيس مبارك ولنجله »جمال«.
وهكذا صار الطريق ممهدا أمام »جمال« لتولي رئاسة مصر ومبارك نفسه ترك لـ»جمال« الحبل علي الغارب وخلال السنوات الخمس الأخيرة كان مبارك يقضي حوالي 300 يوم في شرم الشيخ وترك إدارة الدولة والحقيقة أن شخصية مبارك كانت غريبة جدا.
< كيف؟
- باختصار من يتابع تاريخ هذا الرجل سيكشف بسهولة أن »مبارك« شخصان وليس شخصا واحدا فلقد كان شخصا جيدا ولكنه صار شخصا سيئا.
< ومتي حدث هذا التحول؟
- منذ عام 1993 فمنذ هذه السنة ابتعد مبارك عن ممارسة ما يفترض أن يقوم به في جكم البلاد وأحاط نفسه بمساعدين فاسدين وابتعد عن مقر الحكم في القاهرة وصار يقضي أغلب الوقت في شرم الشيخ.
< وفي رأيك ما أسباب هذا التحول؟
- السبب الرئيسي أنه أراد أن يستمر في الحكم للأبد، وأن يورث الحكم من بعده لنجله »جمال« ولهذا تراجع عن عهد قطعه علي نفسه بألا يحكم مصر سوي فترتين فقط،ومن يريد أن يبقي في الحكم للأبد فمن المؤكد أنه سيفعل أشياء سيئة للغاية من أجل تحقيق هدفه، ونتيجة لكل ذلك تحول حسني مبارك من رجل كان ضابطا جيدا وملتزما ومن رئيس جمهورية واعد في بداية عهده الي فرعون يستعلي علي أعوانه ويسخر منهم ويتشبث بالسلطة الي أقصي مدي ويفتقد للأحاسيس الوجدانية الدافئة.
< يفتقد للأحاسيس الوجدانية الدافئة؟
- نعم.. وما كان يتم نشره عن قراءة الرئيس لشكوي مواطن هنا أو هناك كان فبركة وأمرا غير صحيح فبحكم عملي في مكتب الرئيس لمدة 18 عاما أؤكد أن الرئيس لم يكن يقرأ أي شكاوي وكل ما قال عن قراءته للشكاوي وإصداره أوامر بعلاج فلان أو علان علي نفقة الدولة.. كل هذا كان ألاعيب ممن يحيطون بمبارك ليظهروه بمظهر بعيد تماما عن حقيقته.
< وما حقيقة مبارك؟
- لا يحب القراءة ولا يحب التفاصيل.
< مثل الرئيس السادات مثلا؟
- أكبر بكثير، زملاؤنا الذين عملوا بمكتب الرئيس عبدالناصر قالوالنا إن عبدالناصر كان يطلب أن تدخل اليه برقيات الأخبار ومصادر المعلومات كاملة وأكدوا أنهم كانوا بـ»يشيلوا« من جنب سرير الرئيس أكوام من أوراق البرقيات وعندما تولي السادات طلب من العاملين بمكتب الرئاسة أن يعرضوا عليه المعلومات بشكل مختصر وألا يعرضوا إلا المعلومات المهمة جدا، ولما جاء مبارك طلب الاختصار أكثر مما كان يحدث مع السادات فكان مبارك لا يحب قراءة التفاصيل ولا يقرأ إلا المختصر جدا جدا حتي عندما كانت الصحف تنتقد الرئيس شخصيا كنا نكتفي بأن يكتب في التقرير »فلان الفلاني انتقد الرئيس«.
< ألم يسأل مبارك مرة ماذا يقول الذين ينتقدونني؟
- لم يحدث وكان التقريرالذي يعرض علي الرئيس في الغالب يتراوح بين صفحة ونصف الصفحة أو صفحتين.
< وخلال الـ18 سنة التي عملتها بمكتب الرئيس هل طلب مبارك كتابا معينا لقراءته؟
- لا.
< بصراحة هل من السهل حجب معلومة عن الرئيس؟
- نعم وأذكر عندما تولي الدكتور مصطفي الفقي منصب سكرتير الرئيس للمعلومات وصلتنا تعليمات تفيذ بأنه ممنوع علي الدكتور الفقي أن يشير الي نفسه بأنه سكرتير الرئيس للمعلومات ووزع الدكتور زكريا عزمي منشورا بهذا المعني وكنا نتصور أن مبارك وراء هذا المنشور ولكن الأيام كشفت لنا عن مفاجأة.
< ما هي؟
- ذات مرة أجري الدكتور الفقي حوارا مع وكالة رويتر وأشارت الوكالة في الحوار الي أن الفقي هو سكرتير الرئيس مبارك للمعلومات وأثناء إعدادي للنشرة أشرت لحوار الدكتور الفقي وأذكر أن الدكتور الفقي طلب مني وبأدبه الجم المعروف عنه بألا أشير الي ما ذكرته رويتر بأنه سكرتير الرئيس للمعلومات ووقتها اتصلت بمدير المكتب لأعرض عليه الأمر فقال لي »خليها زي ماهي موجودة« وبالفعل قدمت النشرة كما هي.
< وهل حدث شيء؟
- علي الإطلاق وبعدها عرفنا أن قرار عدم ذكر صفة الدكتور مصطفي الفقي كان بأمر من الدكتور زكريا عزمي وليس الرئيس مبارك.
< ألمح من كلامك أن الدكتور زكريا عزمي كان صاحب سطوة علي رئاسة الجمهورية.
- د. زكريا عزمي جاء لرئاسة الجمهورية وكانت رتبته »مقدم« وما وصل اليه من اقتراب من مبارك حتي صار المتحكم الأول في رئاسة الجمهورية حدث بسبب خدماته الجليلة التي أداها لعلاء وجمال مبارك في شبابهما.
< أي خدمات تقصد؟
- كل ما يخطر علي بال بشر.. ولهذا صعد عزمي بسرعة الصاروخ وأطاح بكل القيادات برئاسة الجمهورية ولم يكن أمامه إلا عائق واحد وهو اللواء سعد شعبان مدير مكتب رئيس الجمهورية ونجح الدكتورعزمي في الإطاحة باللواء شعبان بشكل درامي.
< كيف؟
- عندما وصل اللواء سعد شعبان لسن الستين تقرر التمديد له وبالفعل تم اتخاذ جميع الإجراءات للتمديد له وفجأة ودون سابق إنذار جاء تليفون للواء سعد شعبان وقال المتحدث »اخلي مكتبك في خلال ساعة« ثم أتي عدد كبير من الناس لمكتب اللواء سعد شعبان ليستعلجوا إخراجه من المكتب.
< ولماذاحدث ذلك؟
- التفسير الوحيد هو أن دسيسة حدثت أغضبت الرئيس مبارك من اللواء سعد شعبان رغم أنهما صديقان حميمان، حيث كانا يقيمان في غرفة واحدة أثناء دراستهما بروسيا، وكان اللواء سعد شعبان قويا ولم يكن الدكتور زكريا عزمي يجرؤ علي أن يقترب من مكتب الرئيس طوال وجود اللواء سعد شعبان وبعد أن خرج اللواء شعبان للمعاش تغير الحال كثيرا.
< كيف؟
- سأجيب بواقعة حدثت ذات مرة كان مدير مكتب الرئيس يجتمع بكبار مساعديه ومر الدكتور عزمي في ساحة القصر الرئاسي فوجد سيارة عليها بعض الأتربة فقال: سيارة مين دي؟ فقالوا سيارة أحد مساعدي مدير مكتب الرئيس، فرد عزمي بغضب »دخلوا السيارة الحملة«..يعني سحب السيارة منه وخرج الرجل من الاجتماع فلم يجد السيارة بتاعته وهكذا كان الدكتور عزمي يتعامل مع مكتب الرئيس بعد خروج اللواء سعد شعبان للمعاش.
< الواضح أن نفوذ الدكتور زكريا عزمي تجاوز رئاسة الجمهورية بدليل أن مجلس الشعب أصدر قانونا خاصا لكي يبقي في منصبه للأبد؟
- فعلا وهذه واقعة غريبة جدا خاصة أن الرئيس مبارك كان يمد للدكتور زكريا عزمي كل عام وبالتالي الحكاية لا تحتاج لقانون أو غيره ولكن مجلس الشعب وضع قانونا لكي يبقي الدكتور عزمي في منصبه للأبد دون حاجة لأن يتم المد له سنة بعد أخري.
< وماذا يعني ذلك؟
- قمة الديكتاتورية والفساد.
< قلت إنه منذ عام 1997 صدرت لكم أوامر بعمل نسخة من نشرة المعلومات الرئاسية لجمال مبارك ويتردد أن سوزان مبارك كانت تصلها نسخة مماثلة فهل هذاصحيح؟
- لا كانت هناك نسختان فقط واحدة لمبارك الأب والثانية لجمال مبارك وكان الرئيس مبارك يصدرقراراته فورية بعد قراءته للنشرة.
< قرارات؟
- نعم.. مثلا الدكتور علي لطفي عندما كان رئيسا للوزراء قال في تصريح صحفي إن الحكومة تدرس إلغاء الدعم وتضمنت النشرة هذا الحوار فعلق عليه الرئيس مبارك بعبارة تقول »مش قلنا نبطل كلام في الموضوع ده«.
< وما معني ذلك؟
- معناه أنه يجب علينا إبلاغ الدكتور علي لطفي بهذه العبارة وفعلا أبلغناه ويقال إن استبعاد الدكتور علي لطفي عن رئاسة الوزراء كان بسبب أحاديثه عن إلغاء الدعم.
< ولكن الكلام عن إلغاء الدعم تكرر في عهد حكومة نظيف وردده مسئولون كثيرون ولم يحدث لهم شيء؟!
- الزمن تغير.. وكماقلت لك مبارك قبل عام 1993 يختلف عن مبارك بعد هذا العام.
< وبحكم عملك بمكتب الرئيس من كان يقول للرئيس لا أو بمعني آخر يعترض علي قرار أو فكرة يطرحها الرئيس؟
- لم يكن أحد يجرؤ علي ذلك ولكن للحقيقة هناك 3 شخصيات محترمة جدا كانت تقول رأيها حتي ولو كان مخالفا لرأي الرئيس.
< ثلاثة فقط؟
- نعم.. وهم الدكتور أسامة الباز والدكتور مصطفي الفقي والدكتور كمال الجنزوري والأخير هو آخر رئيس وزراء محترم تولي رئاسة الحكومة.
< ماذا تقصد بـ»محترم«؟
- أقصد أنه كان يعتز بنفسه ويأخذ قراراته بنفسه فهو مهني ومحترف ويمارس عمله وفقا لخبرته ولم يكن مجرد أداة.
< وبرأيك لماذا خرج من الوزارة إذن؟
- بسبب يوسف بطرس غالي وصفوت الشريف والذي لا يعرفه الدكتور الجنزوري نفسه أنه صدر قرار بتكليف الدكتور كمال الجنزوري بإعادة تشكيل الوزارة عام 1999 وكان القرار جاهزا لتوقيع الرئيس أي تمت كتابته وطباعته وبعد ساعة تم تمزيق هذا القرار وصدر قرار آخر بتكليف الدكتور عاطف عبيد بتشكيل الوزارة وفوجئنا مرة أخري بأشياء مقصود منها إهانة الدكتور الجنزوري نفسه وأقصد بها تكريم المهندس سليمان متولي والمهندس ماهرأباظة وإبراز هذا الخبر في صدر الصحف القومية دون الإشارة الي الدكتور الجنزوري من قريب أو بعيد وتم هذا بتعليمات صارمة في هذا الشأن.
< معني كلامك أنه تمت الإطاحة بالجنزوري من أجل صفوت الشريف ويوسف بطرس غالي؟
- نعم وجمال مبارك نفسه هو الذي فعل ذلك.
< ولكن يقال إن مبارك عنيد ودماغه ناشفة؟
- ولكنه أيضا ترك الحبل علي الغارب لجمال.
< يقال إن مبارك كان قاسيا وعنيدا وعندما يغضب يضرب ويشتم فهل هذا الكلام صحيح؟
- نعم سمعت.. هذا الكلام ولكنه كان لا يتصرف بطريقة مهينة مع الذين يحترمون أنفسهم مثل الدكاترة مصطفي الفقي وأسامة الباز وكمال الجنزوري.
< ومع غيرهم يضرب ويشتم؟
- ممكن وسمعت أنه ذات مرة زار سيناء وقال له أحد البدو إن حال سيناء أثناء الاحتلال الاسرائيلي أفضل من حالها بعد التحرير وهذه العبارة أغضبت مبارك جدا وثار وعنف المحافظ ووصلت أنباء أن مبارك ضرب المحافظ بـ»الشلوت«.
< مبارك كان يكره المعارضة أليس كذلك؟
- طبقا لمعاشرتي للمكتب وقراراته وتصرفاته أستطيع أن أؤكد أن مبارك يستهين بالآخرين كثيرا وهذا طبع فيه وكان دائما يأخذ النصف الفارغ من الديمقراطية وهو حرية الكلام أي أنه كان يؤمن بطريقة »دعهم يتحدثون ولكنني لن أسمع لهم« وأؤكد أنه كان يتلذذ بنقده.
< يتلذذ؟
- نعم.. يتلذذ بالنقد طالما كان بعيدا عنه هو وأولاده وزوجته وغير ذلك كان لا يهمه أي نقد حتي إنه كان ممنوعا علينا في مكتب الرئيس أن ننقل أي شيء من صحف المعارضة جميعا.
< تقصد ممنوع التعامل معها؟!
- نعم.
< وما الذي كان يغضب مبارك؟
- الحديث عن جذوره أو أسرته أو ثروته.
< وبرأيك من الذي وضع خطة توريث حكم مصر؟
- مبارك نفسه بمساعدة كمال الشاذلي وزكريا عزمي وصفوت الشريف.
< ولكن كمال الشاذلي تمت الإطاحة به لصالح أحمد عز صديق جمال؟
- لم يكن الشاذلي يتوقع هذا المصير وعموما الشاذلي ساند جمال كنوع من الإخلاص لوالده وأؤكد أن الشاذلي مات وهو أكثر الناس إخلاصا لمبارك.
< ومن أكثر من دعم خطة التوريث؟
- هناك من دعمها بشكل مباشر مثل صفوت الشريف وزكريا عزمي وكمال الشاذلي وهناك من دعمها علي طريقة النعام يعني خبوا رأسهم في الرمل وكأنهم مش شايفين حاجة وفي مقدمة هؤلاء فتحي سرور ونواب الحزب في البرلمان وحكومة نظيف بالكامل والفئة الثالثة التي دعمت التوريث الانتهازيون وعلي رأسهم أحمد عز والوزراء رجال الأعمال وعدد كبير من رجال الأعمال وعدد من أساتذة ورؤساء الجامعات وأعرف واحدا من هؤلاء كان لا يطيق اسم مبارك أو سيرته ويهاجمه وفجأة انضم للحزب الوطني ودافع عن جمال مبارك في الجامعة.
< هذا الأستاذ في جامعة القاهرة؟
- نعم
< كلية الحقوق ولن أقول أكثر من ذلك.. وهناك فئات أخري ساندت التوريث ومنهم المحافظون وعدد من القضاة ورياضيون.
< عملت في مكتب الرئيس 18 عاما ولكنك شاركت في ثورة 25 يناير.. لماذا؟
- شاركت أنا وأولادي جميعا لأنني خفت علي مصر من التوريث الذي كان سيضيع مصر كلها.
< وهل كنت تتوقع أن يتنحي مبارك؟
- لا.. وأظن أن تنحيه جاء بسبب موقف معين اتخذه الجيش ودليلي أن البيان الأخير الذي أصدره الجيش قبل التنحي خلا من أي إشارة الي اسم مبارك وقال البيان في ديباجته بناء علي التفويض الممنوح للسيد عمر سليمان وهذا مؤشر علي أن هناك مسافة اتخذها الجيش بعيدا عن مبارك.
< في رأيك من الذي ضيع مبارك؟
- التوريث والمماليك الذين ساندوا التوريث والمتربحون في عهد مبارك وجميعهم صنعهم مبارك حوله والذين جعلوا منه مستبدا كبيرا وجعلوا من أنفسهم مستبدين صغارا.
المصدر : جريدة الوفد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق